البيت المتــين
أقبل الشتاءُ، فاسودّتِ السماءُ، وهاجتِ الرياح، فخاف الأرنبُ الصغير، وعزم أنْ يبني لنفسه بيتاً متيناً، يقيهِ شرّ العواصف.
بدأَ ينقلُ الحجارةَ الصلبة، ويرصف بعضها فوق بعض.. وبعد أيام، أصبح البيتُ جاهزاً، ففرح الأرنب كثيراً، وأخذ يغنّي، ثم صار يرقص..
سألَتْهُ الريحُ:
-لماذا ترقص أيها الأرنبُ الصغير؟!
-لأنّ بيتي قويٌّ، يتحدّى الريح.
-وكيف عرفْتَ؟
-لقد بنيته من أقسى الحجارة.
ضحكتِ الريحُ من غروره، ونظرَتْ إلى البيت، ثم مدّتْ أصابعها الرقيقة، فدخلَتْ بين حجارته بسهولة.. قالت ساخرة:
-حجارة بيتكَ قويّة!
-طبعاً.. طبعاً.
-ولكن لا يربط بينها شيء!
-ماذا تعنين بقولكِ هذا؟
-أعني أنَّ حجارته ليستْ متلاصقةً ولا متلاحمة.
-هذا لا يهم.
-أرى أنه سيتِهدَّمُ سريعاً.
-فْلتختبري قوّتكِ!
اغتاظتِ الريحُ، ودفعتِ البيتَ، فانهارَتْ حجارته..
قال الأرنب مدهوشاً:
-كيف هدمْتِهِ، وحجارته كالحديد؟!
-الحجارة المتينة، لا تصنع -وحدها -بيتاً متيناً.
نظر الأرنب بازدراء، إلى حجارة بيته المبعثرة المتفرقة، ثم خاطبها قائلاً:
-لن تغرّني صلابتكِ بعد اليوم، فما أضعفكِ إذا لم تتماسكي!!